Tuesday, January 19, 2010

العمل التضامني الدولي مع فلسطين--جلسة ثقافية أعدها المنتدى التنويري في نابلس--إنطباعات الناشط المجتمعي سائد ابو حجلة


العمل التضامني الدولي مع فلسطين
جلسة ثقافية أعدها المنتدى التنويري في نابلس
إنطباعات الناشط المجتمعي سائد ابو حجلة

عقد المنتدى التنويري الثقافي الفلسطيني (تنوير) جلسة ثقافية بعنوان (العمل التضامني الدولي مع فلسطين) إستضاف فيها الأستاذ سائد أبو حجلة المحاضر في جامعة النجاح الوطنية، والنقابي الامريكي كالفن كلارك الناشط في حركة التضامن الدولية مع الشعب الفلسطيني في مدينة شيكاجو، وأدار النقاش د. يوسف عبد الحق، رئيس مجلس الادارة في المنتدى والمحاضر في جامعة النجاح الوطنية

وفي بداية الجلسة أشار الدكتور عبد الحق إلى أهمية البعد الاقتصادي في الصراع مع المحتل كشكل من أشكال المقاومة الشعبية، مبينا أن البعد الاقتصادي لم يستثمر فلسطينيا بعد، وأنه استثمر جزئيا في بداية الانتفاضة، لكنه لم يستمر وفق خطة استراتيجية واضحة المعالم. واشار الى التقصيروتشتت الجهود والارتجال وضعف الاداء التراكمي لاحداث التغييرالمطلوب، فيما تتجاوب حركة التضامن في اوروبا والعالم الان في استخدامه كسلاح حاد للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وملاحقة مجرمي محرقتي لبنان وغزة وعدم تركهم للافلات من العقاب باعتبارهم مجرمي حرب

وقدم الأستاذ سائد أبو حجلة خلال محاضرتة تحليلا منهجيا لموضوع التضامن الدولي مع فلسطين متناولا خمسة أسئلة رئيسية: ما المقصود بالتضامن الدولي في السياق الفلسطيني وما هي أشكالة المختلفة ؟ وما هي أبعاده الجغرافية والزمنية؟ وما الفّرق بين التضامن الرسمي والشعبي؟ وكيفية الاستفادة من مبادرات وحركات التضامن والاليات المطلوبة لتطويرها

ملقيا الضوء على أمثلة ونماذج عملية من التضامن عايشها خلال جولتة الأخيرة في أوروبا وكندا التقى خلالها بالعديد من منظمات المجتمع المدني الناشطة في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني


أشكال التضامن

وخلال شرحه لمفهوم التضامن عرف أبو حجلة الإنسان المتضامن بأنة "صديق لفلسطين يعمل من أجل حقوقنا وقضيتنا الوطنية" وأن هناك "جهات متعددة تصتف بجانبنا لُتقوي جبهتنا في معادلة الصراع مع العدو ولتثبيت هويتنا الوطنية

ثم أوضح أن هناك أشكال مختلفة من التضامن، مبينا أن التضامن السياسي يتمثل بالضغط على حكومات الدول لإحقاق الحقوق المشروعه لشعبنا في المنظمات والمحافل العالمية. أما التضامن الاقتصادي فلا يقل أهمية في تعزيز صمود شعبنا على الارض. وأضاف أن أشكال التضامن الاخرى كالتضامن الثقافي والاعلامي والأخلاقي والمعنوي تعتبر روافد مهمة ومتممة للتضامن الاقتصادي والسياسي


البعد التاريخي لحركات التضامن

ثم تحدث أبو حجلة عن تطور الحركات التضامنية مع الشعب الفلسطيني والمراحل التاريخية المتعددة التي مرت بها منذ بداية الإحتلال البريطاني لفلسطين وحتى يومنا هذا. وقال أن في فترة ما بين نكبة عام 1948 وحتى 1967 حصر التضامن مع الشعب الفلسطيني في الدول الاسلامية والعربية ومن ثم توسع هذا التضامن ليشمل المعسكر الإشتراكي بعد حرب عام 1967 وإنشاء منظمة التحرير الفلسطينية


انقلاب الصورة

ثم اشار أن الصورة النمطية المشوهة التي رسمها الإعلام الصهيوني عن الفلسطيني كإرهابي بدأت تتغير بعد الاجتياح الصهيوني لجنوب لبنان واحتلال بيروت وقتل وجرح 20 ألف لبناني وفلسطيني وتتويج ذلك بمجزرتي صبرا وشاتيلا التي هزت الوجدان العالمي وحفزت على تشكيل العديد من المنظمات والشبكات التي تدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني مثل لجنة 29 نوفمبر والذي أخذت من تاريخ يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني كإسم لها والتي انطلقت في مدينتي شيكاغو ونيويورك وإنتشرت في معظم المدن الأمريكية الرئيسية ومن ثم تحولت للجنة التضامن مع الشعب الفلسطيني

ولفت المتحدث الى أن الانتفاضة الأولى عام 1987 هي التي أحدثت الانقلاب الحقيقي في الصورة بحيث تغيرت صورة "داوود وجالوت" حين واجه "جالوت" الإسرائيلي المدجج بالسلاح "داوود" الطفل الفلسطيني الذي حمل الحجر مقابل البندقية وهنا شاهد العالم بأسره على شاشات التلفاز كيف قام جنود الإحتلال بقتل "أطفال الحجارة" بدم بارد بإستخدام الرصاص الحي وكيف إستخدموا الهروات لتكسيرعظام الفلسطينيين

ثم اردف قائلا "أن تراكم أحداث الانتفاضة وانتهاكات المحتل وجرائمة أعطت جرعة تضامن قوية مع شعبنا في كل من القارتيين الأوروبية والأمريكية والعالم ككل، فصور القتل وتدمير البيوت وسرقة الارض وإقتلاع الأشجار كلها ممارسات هزت ضمير العالم"


بدء التحرك وتنظيم العمل

الاجتياحات وانتفاضة الاقصى ومحرقتي لبنان وغزة أخرجت اصوات كثيرة ضد "إسرائيل"، ولم تعد تنطلي اتهامات اللوبي الصهيوني لمنتقدي جرائم الاحتلال "بالاسامية" على أحد

واعتبر المتحدث عام 2006 بالمفصلي لتنامي وتحالف الجمعيات المتضامنة مع الشعب الفلسطيني واعتبار اسرائيل دولة كولنيالية ودولة نظام فصل عنصري (أبارتهايد) وارهاب بعد سلسلة المجازر واضطهاد الشعبيين الفلسطيني واللبناني، حيث لم يعد بإمكان إسرائيل أن تدعي أن لها الموقع الأخلاقي الأعلى في الصراع، وتكشفت اكاذيبها في اتهام معارضيها بالاسامية لأن غزارة دم المجازر فاق قوة أبواقها الاعلامية في قلب الحقائق

ماذا يحصل في كندا وأوروبا اثر تداعيات محرقتي لبنان وغزة؟

وعن إنطباعاتة عن النشاط التضامني خلال زيارتة لكندا وأوروبا قال الأستاذ أبو حجلة "لقد مكثت 12 يوما في كندا حيث حاضرت أكاديميا وسياسيا في جامعات تورونتو وترنت وكوينز وأتوا ومونتريال، بدعوة من (التحالف ضد نظام الفصل العنصري الإسرائيلي) المتكون من مجموعة أصدقاء ونشطاء زاروا فلسطيين وشاهدوا عن كثب بأم أعينهم ما يجري على الارض من جدار وحصار وحواجز وإهانة واجتياحات، ثم أسسوا هذا التحالف الذي يضم في صفوفة الكثير من اليهود الذين يمقتون الصهيونية ويعملون جاهدين لانهاء الإحتلال ونظام فصله العنصري. كما نوة للدور الريادي التي تقوم بة مؤسسة التضامن من أجل الحقوق الانسانية للشعب الفلسطيني والتي لها فروع كثيرة في كندا
وأفاد بوجود تحالف ضخم جدا في في مدينة مونتريال يحوي الكثير من المؤسسات الكندية والعربية ويعرف التحالف الان باسم (تضامن) ويعمل لتوسيع وتعميق الحملة الدولية لمقاطعة إسرائيل وسحب الإستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS) والتي تحظى الأن بدعم كبيرمن قبل حركات التضامن كبرنامج نضالي ضد الأبارتهايد الإسرائيلي

وأعلمنا أبو حجلة عن بعض المؤسسات المترددة للدخول في التحالف لأن الاسرائيليين لديهم حراك أيضا من طرفهم ضد المقاطعة، وأن بعض الكنديين يخافون اللوبي الصهيوني لئلا يوصموا بالاسامية، وغدا بعض السياسيين والنشطاء يخشون ارهاب اللوبي الصهيوني وابتزازه على عكس الاوروبيين الذين ماعادوا يهتموا بهذا الاتهام الذي فقد قوته ومحتواه وبريقه

وفي ذات السياق تحدث أبو حجلة عن مشاركتة في مؤتمر كبير بعنوان (حرية التعبير، حرية التعليم) نظمته أربعة منظمات تضامنية، أعضاءها من الاساتذة والاكاديميين والطلبة، بعضهم طرد من مؤسسته لنقده اسرائيل وممارساتها ضد الفلسطينيين، حيث ركزت المحاضرات على إعادة الاعتبار لحرية الكلام والتعبير والتدريس حول القضية الفلسطينيية دون تكميم الأفواه. وقد شارك في المؤتمر ما يقارب عن 300 شخص معظمهم ينتمون للجهات المنظمة للمؤتمر وهي معلمون من أجل السلام والعدالة وأكاديميون من أجل فلسطين ومدرسون من أجل فلسطين وطلبة ضد الأبارتهايد الإسرائيلي

وتساءل المتحدث؟

هل صدفة أن يتم حجزي في مطار مدينة تورونتو لمدة خمس ساعات؟ وهل صدفة أن توجه لي أسئلة في كندا ليست بالتقليدية، على نمط "هل ستتحدث ضد اسرائيل؟ وهل تحمل في حقيبتك مواد إعلامية ضد اسرائيل؟ وهل ستعقد اجتماعات ضد اسرائيل؟" لقد تيقنت من محاولة ارهابي واسكات صوتي قبل أن اصل لكندا ولربما منعت من الدخول لولا الضغط السريع والاتصالات المباشرة مع دائرة الهجرة في المطار من قبل أصدقائي الكنديين


ولم يقلل المتحدث من أهمية الانجازات التي تمت في كندا لحركات التضامن التي بدأت تنتشر كالنارفي الهشيم بين قطاعات الطلاب والنقابات المهنية والعمالية والكنائس ومؤسسات العمل المدني، وأن هناك عدد كبير من المؤسسات باختلاف تلاوينها وضعت المقاطعة عل سلم أولوياتها


التجربة الأوروبية

أفاد المتحدث أبو حجلة الذي زار أوروبا لمدة شهر أن حملة المقاطعة في اوروبا قطعت شوطا كبيرا، ونقابة الاكاديميين البريطانيين فتحت الباب على مصراعيه، ولم يستسلموا لابتزازهم واسكاتهم من اللوبي الصهيوني، ثم لحقت بها العديد من النقابات الاخرى المهنية والنقابية والطلابية والكنائس وذلك بتحفيز وتنسيق مع لجنة التضامن مع الشعب الفلسطيني التي أنشأت نافذة على الإنترنت بخصوص المقاطعة وتسمية البضائع التي يجب حظرها

وقال أنه زار مدينة لكسمبرغ، التي تعتبر غنية ولها ثقل في اوروبا ، بدعوة من لجنة السلام العادل في الشرق الأوسط، وألقى محاضرة عن المجتمع الفلسطيني تحت الإحتلال وذلك ضمن سلسلة محاضرات نظمتها اللجنة في الآونة الأخيرة عن الوضع الراهن للصراع العربي-الإسرائيلي. كما أطلعنا على زيارته لمدينة بازل في سويسرا التي تعتبر مركز انطلاق الحركة الصهيونية بقيادة هرتزل، والتي يوجد فيها اليوم مؤسسة تضامنية لمقاطعة إسرائيل ومن ثم مدينتي لوزان وجنيف، معقبا أن كل هذه المدن فيها تضامن كبير مع الشعب الفلسطيني


الموقف الفلسطيني

وأوجز أبو حجلة الموقف الفلسطيني واصفا اياه بالتشرذم وتفتت موقف الحركة الوطنية الفلسطينية، وأنها تفتقر لبرنامج واضح لمخاطبة الشعوب الاخرى

ثم أشار أن "هناك إرتباك وتساؤلات حتى حول قضايانا المصيرية التي ليس لها رؤية واضحة، لقد سؤلنا عنها خاصة حول الدولة العلمانية الواحدة، وحول آلية المقاطعة التي لا يتم التحدث عنها رسميا، والتي يقوم بها الاوروبيون وغيرهم وفق النداء الفلسطيني للمقاطعة والذي صدر في عام 2005."

ثم اضاف بحرقة "لدينا اشكاليات كثيرة، والمنطق اللاأخلاقي أن نطلب شيء من غيرنا ونحن أنفسنا لا نطبقه."
الخاتمة: نداء

أنهى أبو حجلة مداخلته حول محرقة غزة، وقال أن الدم الفلسطيني الذي سال هناك أعطى وقودا لحركات التضامن التي توسعت وانتشرت بشكل غير مسبوق. ولكن للأسف التخاذل والتواطئ كبير، كما حصل في مسيرة (شريان الحياة لفلسطين)(Viva Palestina) التي تم اعاقتها وكان مخططا لها أن تصل إلى غزة في الذكرى السنوية الاولى للمحرقة، حيث شارك فيها 550 ناشط وناشطة مروا من 10 دول وقطعوا آلاف الأميال للتضامن مع فلسطين. وكذلك مسيرة الحرية لغزة (Gaza Freedom March) التي شارك فيها 1400 متضامن من 43 دوة مختلفة، ولكنهم منعوا من الوصول إلى غزة بعد وصولهم القاهرة حيث قاموا بالتظاهرهناك إحتجاجا على قرار السلطات المصرية ومن ثم أصدروا اعلانا سمي بإعلان القاهرة طالبوا فية برفع الحصار عن غزة ومقاطعة إسرائيل وسحب الإستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS) ومحاكمة مجرمي الحرب الإسرائليين.

ورأى المتحدث أن حجم التضامن وصل مراحل متقدمة، وتقع على عاتقنا مسؤليات كبيرة كحركة وطنية لترتيب أمورنا، لأن الوقت من دم والتاريخ لا يرحم.

ماذا نريد من المتضامنين؟

أوجز أبو حجلة المطالب من أصدقائنا المتضامنين بحملة اعلامية واسعة لفضح وكشف الإنتهاكات الإسرائيلية لحقوق الانسان الفلسطيني، وتشكيل مجموعات ضاغطة على اسرائيل، ودعم الحملة الدولية لمقاطعة إسرائيل وسحب الإستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، والدعم المالي والاقتصادي لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني.

المتحدث الآخر، النقابي الامريكي كالفن كلارك أشار الى زيارته الثانية لنابلس، وقال " قبل ان أتي لفلسطين، قرأت عنها، وعقدت مقابلات حولها، وقد أتيت لهنا في المرة الاولى وراعني الاهانات لشعبكم على الحواجز، وقد أقمت لمدة شهر مع عائلة شهيد كان مهددا بيتها بالنسف، شاهدت الخوف والصبر والمعاناة بعيونهم خلالها عرفت معنى المقاومة، لاني تعرفت على عائلة ثانية لي هي أل خلفة التي تم تدمير بيتها بعد مغادرتي الى بلدي شيكاغو. كنت خائفا أن لا ياذنوا لي بالعودة لآهلي في فلسطين بعد أن غبت عنهم ستة سنوات، وكنت خائفا ان لا أدفع دينا في رقبتي لهذا الشعب العظيم."

"أنا مع حركة التضامن الدولية مع الشعب الفلسطيني، ومعكم مؤسسات كثيرة تعمل عندنا كمؤسسة طلاب من أجل العدالة في فلسطين ولها عدة فروع، ومؤسسات عربية وفلسطينية ويهودية واسلامية تعمل من اجل فلسطين وهناك أيضا التحالف ضد الحرب والعنصرية، وفية نضع شرط لدخول المؤسسات تحت مظلة التحالف بحيث لا نقبل أي مؤسسة جديدة لا توافق على حقوق الشعب الفلسطيني مسبقا."

وافاد المتحدث الامريكي "بحكم موقعنا الجغرافي في مدينة شيكاغو، لقد احدثنا ارباك كبير لشركة كتربلر وأعقنا عقد اجتماع هيئتها العامة هناك، وحرضنا المشاركين بسحب اسهمهم من الشركة، لأن اسرائيل تدمر البيوت الفلسطينية بمعداتها الثقيلة، ونعدكم من جانبنا بأننا سنعيق اجتماعهم في الربيع القادم وسنمنع الاجتماع من الحدوث، وسنفضح ذلك على صفحات الجرائد الاقتصادية، لنؤثر على سمعة الشركة مما سيخفض قيمة اسهمها !"

وأشار الى العمل النضالي مع طلاب من أجل العدالة الذين عطلوا المجرم أولمرت من التحدث في الجامعة لمدة خمسة ساعات ونصف الساعة، وقال "أحدثنا له ارباك داخل القاعة وكنا نربط انفسنا وفق سلسلة بشرية لاعاقة الشرطة، وفي خارج القاعة تظاهر بنفس الوقت أكثر من 300 متضامن تحت المطر الغزير الذي بثته الجزيرة بشكل مباشر."
وانتهت المداخلات بالاجماع على أن الشعب الفلسطيني غير ملزم لخلق برامج وحلول للاحتلال الذي اقتلع شعبنا من أرضة. وأكد المشاركون على ضرورة الخروج من ظاهرة الارباك في الساحة الفلسطينية لكي يتم التناغم مع ظاهرة المد التضامني في الساحة العالمية، فهل من نظرة مستقبلية للتشبيك الوطني والعالمي لموسم حصاد أفضل لفلسطين؟
ابو زيد حموضة منسق العلاقات والاعلام

نابلس، فلسطين

15/1/2010













No comments: